سماحة الشيخ صلاح العبيدي مدير مكتب الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس سره) شكرا لكم على استضافتي وإنه لشرف كبير لي أن ألتقي بحضرتكم

سماحة الشيخ صلاح العبيدي مدير مكتب الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس سره) شكرا لكم على استضافتي وإنه لشرف كبير لي أن ألتقي بحضرتكم

_أهلا وسهلا بك أختاً عزيزة
_سماحة الشيخ ، رغم الأزمة السورية وخطورة الأوضاع فيها لسنوات عدة ، استمرت زيارات الأشقاء العراقيين لسورية و تواصلهم لم ينقطع مع الشعب السوري. رغم تخلي كثر عنه، مما رسخ مكانة الإخوة العراقيين في قلوبنا . السؤال: ماذا تعني سورية للشعب العراقي ؟
_بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد نبيه وعلى أله وصحبه الطيبين الطاهرين.
الشعبان السوري والعراقي شعب واحد ، وأقول هذا بسبب التمازج الذي شهدته من أول زيارة لي لسورية عام 2002 . نعم يوجد تمازج وارتباط وتشابه كبير بين الشعبين في مختلف نواحي الحياة أما الفوارق تبقى فوارق خصوصية وشخصية .العلاقة بين الشعبين السوري والعراقي بقيت أبية عن التفتيت و التفرقة رغم كل المحاولات الإعلامية التي أنفق عليها مليارات الدولارات لخلق شرخ بين الشعبين، وتحديدا إبان النظام السابق نظام صدام حسين ، ولكن جميعها فشلت . الراحة التي يشعر بها العراقي عندما يزور سورية سببها أن المجتمعات متقاربة من حيث البنية الأسرية والسلاسة في التعامل، بدون تشدد أو تطرف حتى اللهجات متقاربة ، الأمر الذي يجعل سورية البلد الثاني لكل عراقي . أضيفي الى ذلك مواقف الشعب السوري تجاه العراقيين لا تقل عن المقابل أيضا . في الحقيقة ألاف العراقيين وجدوا في سورية الملاذ الأمن، في الوقت الذي كانت فيه الحرب تقرع طبولها. فلم نجد وقتها من الحكومة السورية و الشعب السوري الشقيق إلا أياد وصدورا مفتوحة، لاستقبال الناس الذين هربوا من المصيبة. وكان التعامل طيبا ولطيفا.. نفس الشيء حدث في عام 2006 تجاه الشعب اللبناني في حرب تموز التي شنها العدو الإسرائيلي الغاشم على لبنان والمقاومة فيها . نخوة الشعب السوري معروفة وهذه النخوة موجودة في عمق الشخصية السورية وعمق الشخصية العراقية وهذا ما يقربنا أكثر إن شاء الله .
_تشهد هذه الأيام عودة سورية إلى جامعة الدول العربية ما رأيكم بهذه العودة ؟
_جاءت متأخرة جدا، المفروض أن جامعة الدول العربية ليست جامعة حكومات، بل جامعة شعوب .استبعاد دولة عربية من الجامعة فيه تجني على أبناء هذه الدولة . حتى في زمن السادات عندما اقترف خطيئة تطبيع علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتم على إثرها استبعاد مصر من الجامعة ، كان يجب في الحقيقة استبعاد الحكومة الخطاءة وليس الشعب المصري . الشعب المصري هو قلب الشعب العربي كما الشعب السوري .هذا لا يعني اننا نقبل بتقييم الجامعة العربية لعمل الحكومة السورية أبدا , هذا التقييم خاطىء. نعم هذه العودة يجب أن تكون سريعه ولا يصح أن تكون عودة بمساومة . لأن الشعب السوري عانى من ويلات الحرب والاقتتال أولا وزادت معاناته أكثر جراء الحصار الظالم الذي تفرضه الامبريالية الأمريكيه والصهيونية .
_كسرتم الحصار وكنتم أول المبادرين بتقديم المساعدات للشعب السوري بعد الزلزال الذي أصاب البلاد وسارعتم بمساندة المتضررين حدثنا عن المساعدات التي قدمتموها ؟
_في الحقيقية لا أرى من الصحيح التحدث عن هذا الموضوع هذا أقل من الواجب .هذا واجب شرعي و إنساني و قومي .بل اعتبرها قليلة جدا مقارنة مع المأساة التي تعرض لها أبناء المناطق المنكوبة .بعض التفاصيل التي تخص قافلة المساعدات الأولى:
هذه القافلة كانت هدية من سماحة السيد مقتدى الصدر شخصيا من ماله الخاص .بعد حدوث الزلزال بادرت في الصباح الباكر بإرسال تفاصيل للإخوة في النجف الأشرف وأخبرتهم بضرورة التفكير بشكل جدي لإرسال المساعدات .فكان جوابهم : الموضوع ليس جديا فقط، بل أكثر من ذلك .سماحة السيد مقتدى الصدر يغلي لإرسال المساعدات .وطلبوا مني معلومات عن الأشياء الأكثر أولوية والأكثر نفعا .تم التواصل مع بعض الإخوة في الساحل وبعض الإخوة في حلب، وأرسلوا لنا قوائم تضم المواد الإغاثية الضرورية كحليب الأطفال والمواد المعلبة والبطانيات. من الأمور التي نحمد الله عليها أن القافلة قد دخلت سوريا قبل رفع الحصار . وتتضمن قرابة ٣٢ شاحنة من الزيت ٨شاحنات من السكر ،٣ تريلات من المعلبات  تريلات من البطانيات وبعض الأمور الأخرى..بمجموع ٣٢ شاحنة.
الوجبة الثانية من المساعدات دخلت بتنسيق مع مكتب سماحة السيد الصدر، بعضها كمساعدات عينية من ملابس وفرش خصصت لدور الإيواء. أيضا كانت هناك مساعدات نقدية جاءت من قبل أشخاص من مناطق محددة كناحية عين التمر في كربلاء، ناحية الحر في كربلاء، ناحية الشعلة في بغداد، ناحية الحرية في بغداد.قام مجموعة من الأشخاص بجمع مبالغ مالية وقاموا بتوزيعها بشكل شخصي حيث توجه الوافدون مع تبرعاتهم المالية إلى المناطق المنكوبة وقانوا بتوزيعها باليد ، ومنها ما تكفلت شخصيا بتوزيعه في كل من حمص – حماة-عين الكروم-اللاذقية لضمان وصولها للمتضررين من الزلزال .
خبرتكم طويلة في مقاومة الاحتلال الأمريكي الذي يتواجد منذ سنوات أيضا في بعض المواقع السورية. وقدمتم مثالا للبطولة والشجاعة يحتذى به.. سؤالي : ماهي الآلية التي اتبعت في مقاومة هذا الاحتلال ؟وهل يمكن اتباعها في سورية ؟
-حسب المتابعة المقاربة صعبة جدا ، الطريقة التي يعتمدها الأمريكان داخل سورية غير الطريقة التي اعتمدوها في العراق. في العراق اعتمدوا أسلوب الاحتلال المباشر و الصريح والمباشر عبر نشر آلياتهم وجنودهم .مثلا :كل مسؤول وحدة إدارية عراقية كان مسؤولا من قبل شخص أمريكي .هذا اقتضى منا أن نستهدف آليات وجنود الاحتلال الأمريكي بشكل مباشر .وكنا قدر الإمكان نستبعد الاستهداف لأن المستهدف يبقى أداة وليس القائم بالاحتلال .
في سورية الأمريكان يعتمدون على ميليشيات ( قسد ) مما جعل الأمر متداخلا . االقيادة السورية قوية الحمد لله لذلك لا يجوز تخطيها في عملية إبعاد الاحتلال الأمريكي عن الأراضي السورية .نحن في العراق كتيار صدري لم نبدأ مباشرة بحمل السلاح ،بدأنا بمراحل عديدة واستمرت هذه المراحل مع القتال .اولا: الرفض الإعلامي لهذا الاحتلال عن طريق الوسائل الإعلامية المتاحة وكذلك في صلاة الجمعة .ثانيا: اعتمدنا طريقة التظاهرات ، الوقوف شعبيا بوجه هذا الاحتلال وذلك من خلال إظهار الصوت الشعبي الرافض للإحتلال. كان هناك تظاهرات على مدى سنوات الاحتلال وأحيانا كانت تصل إلى تظاهرات مليونية.في الوقت الذي كانت وسائل الإعلام الأمريكي أو المتعاطفة مع الوضع الأمريكي تعمل على التعتيم على تلك المظاهرات ،كانت وسائل إعلام دولية تغطي هذه التظاهرات وكان لها دور كبير في بيان رأي الشعب العراقي السلبي بالتواجد الأمريكي في العراق .بعد ذلك بدأت مرحلة حمل السلاح والقتال ضد الأمريكان في المناطق المقدسة ثم انتقل إلى أماكن أخرى. كانت المواجهة سريعة ومؤذية. المواجهة كانت مواجهة مجاميع ضد مجاميع ،كانت قتال جيش ل جيش . إخراج القوات الأمريكية من أي أرض عربية واجب مقدس ، شرعي و وطني وقومي ،أما الآلية تحدد من قبل أصحاب القرار . العدو الأمريكي و من خلفه الصهيوني لديه الكثير من الاحتيال والدهاء في طريقة التمركز لذلك تحتاج المسألة إلى آلية معينة يضعها أصحاب القرار..وأقولها بصفتي مديرا لمكتب الشهيد الصدر وناطقا رسميا باسم سماحة السيد مقتدى الصدر : السيد مقتدى الصدريجد أن أي جهة تقاتل الثالوث المشؤوم ، تقاتل الاحتلال الأمريكي تفرض علينا وجوبا شرعيا بالتأييد والدعم وهذا ما لم نقصر به إن شاء الله.
هل مكتب الشهيد السيد الصدر في سورية مخصص للعراقيين أم يتعامل مع السوريين أيضا ؟
_الهم الأكبر لهذا المكتب بصفته مكتب جهة مرجعية شرعية هو إعادة نشاط الحركة العلمية في المؤسسة الدينية في السيدة زينب لأن هذه الحركة العلمية عانت في فترة الاقتتال وفترة الحصار في السنوات الماضية لذلك تحتاج إلى شحنة دعم، ليس ققط من مكتب الشهيد الصدر وإنما من كل المكاتب المرجعية والجهات العلمية كذلك .الجميع يعلم أننا لا نفرق بين أي طالب علم، سواء كان عراقيا او سوريا أو باكستانيا او من المغرب العربي او من أي دولة من الدول . ومن روائع الأمور الموجودة في سورية في السيدة زينب كل هذه العناوين كل هذه الأسماء كل هذه القوميات موجودة وتمارس عملها بشكل إيجابي وسنكون جادين في تقديم ما يمكن تقديمه وحسب الإمكانيات .
النقطة الثانية هي الدعم الإجتماعي: ما نستطيع أن نقدمه بحسب الإمكانيات المتاحة والآليات التي يتم الموافقة عليها من قبل الوزارات المختصة والجهات المعنية والقدرة على الحركة ،سنقدمه لمعظم المتضررين من أبناء الشعب السوري. تكليفنا تجاه الشعب السوري تكليف شرعي وطني إن شاء الله.
سؤالي الأخير :سماحة الشيخ عشت فترة طويلة في سورية وأصبحت فردا من أفرادها ، وتكونت لديك فكرة عن المجتمع السوري ومعاناته بعد الحرب والحصار برأيك ما هي الأمور التي يجب التركيز عليها بعد الحروب لإعادة بناء المجتمع من جديد ؟
أختي العزيزة: استطاع الاستعمار أن يؤذي الشعوب العربية من خلال الحصار الاقتصادي أكثر مما استطاع أن يؤذيها من خلال الحروب وهذه التجربة كانت موجودة في مصر إبان القتال ضد الإحتلال الإسرائيلي عندما كانت مصر تتصدر الواجهه في القتال مع إسرائيل. وأيضا وجدتها في العراق بعد عام ١٩٩١ إلى عام ٢٠٠٣ .الحصار ألحق الأذى بالشعب العراقي كالحروب تماما ،كذلك الأمر في سورية، لذلك هناك سلبيات ترشح من الحرب وهناك سلبيات ترشح من الحصار. وقبل اي عملية لإعادة البناء يجب دراسة هذه السلبيات وكيفية القضاء عليها . الان في العراق نعاني من بؤر فساد تستنزف الأموال المخصصة لإعادة الإعمار .ما يظهر من مبالغ هو أقل من خمسين بالمئة من الأموال المرصودة للإعمار .أكثر من خمسين بالمئة تستنزف في جيوب الفاسدين. هذه السلبية موجودة في العراق اما هنا في سورية هل هي موجودة أم لا فعلا ؟هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة
الأمور الأساسية التي يجب التركيز عليها عندما تنفرج هذه الغمة: هي الاهتمام باالخدمات الأساسية بمجملها وخاصة الكهرباء ،والنقل العام والبلديات ، لأنها استنزفت في فترة الحصار ومعالجتها تخفف الضغوط عن كاهل الشعب وتجعله يتخلص من الكثير من المشاكل .
إضافة إلى ذلك هناك محور أساسي وللاسف في العراق لم يتم التركيز عليه ، وهو محور التعليم .يجب التركيز على إعادة مستوى التعليم بمضامينه وليس فقط بالشكل
كالاهتمام ببناء المدارس وتأثيثها والاهتمام بما يقدمه المعلم من مضمون للطلاب .ومن المهم أيضا الاهتمام ب القطاع الصحي ، حسب تجربتنا في العراق وجدنا أن في فترة الحصار لم تكن الإمكانيات المادية واللوجستية كافية لإدامة وتطوير وتوسيع منافذ الخدمات.نحتاج إلى جهود متضافرة لرفعها إلى المستوى المطلوب ثم تطويرها.
نسأل الله سبحانه وتعالى في ختام هذا اللقاء أن يوفق الجميع في سورية قيادة وجيشا وشعبا إلى ما فيه كل الخير ، ونسأل الله أن يفرج عن الشعب السوري هذه الغمة ، ويدمر أعداء الإسلام والعروبة الذين لا يريدون للإسلام والعروبة إلا الهوان والإيذاء .نسأل الله أن يبطل كيد هؤلاء ويرده في نحورهم إن شاء الله.

حوار …ليال ديب