الرئيس الأسد: دور الأحزاب العقائدية أكثر أهمية اليوم بظل الحروب ذات الطابع الثقافي.. سنقدم كل ما يمكننا لأي مقاوم ضد الكيان الصهيوني دون تردد
دمشق_صوت سورية
أكد السيد الرئيس بشار الأسد الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي أن أخطر ما يواجه الوطن هو الحروب العقائدية كالنازية الجديدة والليبرالية الحديثة والتطرف الديني، وهذه الحروب العقائدية لا يمكن أن نواجهها إلا بالفكر والعقيدة، مشيراً إلى أن دور الأحزاب العقائدية اليوم أكثر أهمية في ظل الحروب ذات الطابع الثقافي والعقائدي.
وأوضح الرئيس الأسد في كلمة خلال الاجتماع الموسع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي عقد اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق أن الاشتراكية بالنسبة لنا هي العدالة الاجتماعية وعلينا اليوم أن نحدد ما هو النموذج الذي يناسبنا لتحقيقها ومواجهة الظروف الراهنة التي نعيشها والتقدم إلى الأمام وتحقيق خروقات في مجالات نعتبرها أولويات بالنسبة لنا وخاصة في المجال الاقتصادي.
وشدد الرئيس الأسد على أن سورية ستقدم كل ما يمكن للشعب الفلسطيني ولأي مقاوم ضد الكيان الصهيوني دون تردد، مبيناً أن الموقف من المقاومة كمفهوم وممارسة لن يتبدل بل يزداد رسوخاً.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة …
الرفيقات والرفاق أُرحب بكم وأهنئكم وأهنئ الفائزين وكل المشاركين في هذه الانتخابات التي ستشكل بكل تأكيد قيمة مضافة كبيرة لمسيرة تطوير الحزب بإيجابياتها التي كانت متوقعة من قبلنا وبسلبياتها التي ستشكل دروساً بالنسبة لنا، ستكون عناوين للمرحلة القادمة لمناقشتها ومراجعتها وإدخال التعديلات على الأنظمة المتعلقة بها.
صحيح هذه الانتخابات هي ليست الأولى، فخضنا انتخابات منذ بضع سنوات، ولكن هذه الانتخابات تحديداً بتفاصيلها، بأنظمتها، بالحماس المرافق لها، بالزخم الكبير الذي شهدناه، سأقول من دون مبالغة بأنها ستكون مفصلاً حقيقياً في تاريخ الحزب، باعتبار أن ما شهدناه في الأشهر القليلة الماضية هو غير مسبوق في تاريخ الحزب منذ نشأته، وفي هذه الفترة يمر على سورية أقل من ثمانية عقود منذ الاستقلال، وخلال هذه العقود الثمانية إلا قليلاً، الحزب هو اللاعب الأساسي على الساحة السياسية، فمنذ نشأته والدور السياسي الذي لعبه وخاصة في الخمسينيات في مواجهة حلف بغداد، في مواجهة عصابات الإخوان المسلمين سياسياً في ذلك الوقت، الوحدة مع مصر والتي كان الحزب هو اللاعب الأساسي والمحرك الأساسي فيها، ولاحقاً مواجهة الانفصال وصولاً إلى ثورة 8 آذار عام 1963 وبعدها مرحلة ما بعد الحركة التصحيحية وإنشاء البنية التحتية الكبيرة، ثم مواجهة عصابات الإخوان المسلمين مرة أخرى في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وصولاً إلى الحرب الحالية وما قدمه الحزب من شهداء واحتضان للقوات المسلحة، طبعاً حتى مرحلة الإخوان المسلمين في الثمانينيات قام الحزب أيضاً بتقديم شهداء وتضحيات كبيرة، هذا يعني أنه من الصعب أن نفصل تاريخ ودور الحزب عن تاريخ سورية، هذه حقيقة واقعة، ولكن هذه ليست ميزة بل هي مسؤولية تقع على عاتق كل بعثي، وهي مسؤولية كبيرة لكبر التحولات الكبيرة الكبرى التي مرت بها سورية، وحرجة بخطورة المفاصل التي مرت بها سورية عبر تاريخها منذ الاستقلال.
وحزبنا كحزب عقائدي عبر هذا التاريخ شكل مشكلة حقيقية للأعداء، فكل عقيدة تهدف لتوحيد المجتمع، لتمتين المجتمع، لتقوية المجتمع، لحماية الوطن هي بشكل بدهي مشكلة للأعداء، لذلك أخطر ما يواجه الوطن هو الحروب العقائدية كالنازية الجديدة، كالليبرالية الحديثة، كالتطرف الديني، وهذه الحروب العقائدية لا يمكن أن نواجهها إلا بفكر وبعقيدة، حتى الحرب الاقتصادية، حتى الحرب الإرهابية، ليس بالضرورة أن يكون الهدف هو الجوع بالاقتصاد أو القتل بالإرهاب، وإنما الهدف الوصول إلى ثقافة اليأس التي تتحول مع الزمن ومع التراكم إلى عقيدة أو ما يشبه العقيدة التي تحل محل العقائد الأخرى، تحل محل المبادئ، وبالتالي تدفع باتجاه التنازل عن الحقوق، لذلك في ظل هذه الظروف، وأنا لا أقصد تحديداً ظروف سورية وإنما الظروف العالمية التي يشهد كل العالم فيها حروباً ذات طابع ثقافي وعقائدي تصبح الأحزاب العقائدية أكثر أهمية بكثير من قبل، وليس كما كان يسوق منذ ثلاثة عقود بأن عصر الأيديولوجيات قد انتهى وأن عصر الأحزاب العقائدية قد انتهى، هذا الكلام غير صحيح، نحن نعيش أعلى مرحلة أيديولوجية على مستوى العالم لأن التطرف هو عقيدة، لأن الليبرالية الحديثة هي عقيدة، لأن الخنوع الذي يدعو إليه الغرب تحت عناوين مختلفة هو عقيدة، فإذاً دور الأحزاب العقائدية وفي مقدمتها حزب البعث في سورية تحديداً هو اليوم أكثر أهمية مما سبق خلال كل المراحل التي مرت بها سورية، وبعد سبعة وسبعين عاماً من تأسيس حزب البعث وثلاثة عشر عاماً من هذه الحرب الإرهابية على سورية، لا شك أن حزب البعث مازال قوياً مؤسسةً وعقيدةً، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الكثير من السلبيات التي تراكمت عبر تاريخه خلال السبعة عقود ونيف، إما بسبب عدم التطوير أو بسبب عدم معالجة الأخطاء المتراكمة، وأنا أعتقد بأن ما يخيفنا هو ليس الأعداء مهما تكاثروا ومهما أظهروا من شراسة، ولكن ما يخيفنا حقيقة هو عدم معالجة هذه الأخطاء والتراكمات، لأنها هي التي يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحزب مؤسسةً وعقيدةً، لذلك عندما نتحدث عن التطوير وعندما نقوم ونمارس عملية التطوير، فليس لأن هناك ظروفاً خارجيةً استدعت ذلك، كما يحلو للبعض أن يحلل من وقت لآخر، أو لأن هناك ضغوطاً، والغرب يعني يئس منذ سنوات طويلة، ولكن نحن نطور لأن التطوير حاجة حزبية، حاجة وطنية، حاجة طبيعية باعتبار أن المجتمعات تتطور بشكل مستمر، المجتمعات دائماً في حالة ديناميكية، هي لا تقف في نفس المكان على الإطلاق، وكل بنية موجودة في أي مجتمع لا تتحرك من مكانها باتجاه الأمام تصبح بنية متخلفة وقديمة، وكلما ازدادت الظروف قساوة يصبح التطوير أكثر حاجة وليس العكس، التأجيل ليس الخيار الصحيح وإنما سير التطوير بأقصى سرعة هو الطريق والوسيلة الأهم والوحيدة ربما تكون لمواجهة الظروف الصعبة، والتحولات الكبرى التي نعيشها اليوم ويعيشها العالم ككل تؤثر علينا بشكل مباشر وبشكل غير مباشر وتفرض علينا مسؤوليات كبيرة وتحديات خطيرة.
من أولى هذه التحديات التي نواجهها الآن كحزب هي بناء مؤسسة الحزب، وهو ليس تحدياً حزبياً مجرداً، لا نتحدث عن تطوير الحزب وكأنه بنية مستقلة عن كل البنى الموجودة في الوطن، هو تحد عام، في سورية لدينا مشكلة في الثقافة المؤسسية على المستوى العام، نراها في الدولة، نراها في المؤسسات خارج الدولة، ونراها في المجتمع بشكل عام، وإن كنا قد قطعنا بعض الخطوات على مستوى الدولة في بناء المؤسسات فالطريق أمامنا ما زال طويلاً، أما على مستوى الحزب، فالانتخابات التي خضتموها مؤخراً بالإضافة لما سبقها منذ عدة سنوات هي أيضا خطوة باتجاه العمل المؤسسي، ولكن لا بد وخاصة بعد هذه الانتخابات وبعد هذا الاجتماع الموسع أن تكون هناك خطوات تتمة لهذه الخطوة الهامة في طريق بناء مؤسسة حزب البعث، ولكن يجب أن تنطلق من حوار معمق على كل المستويات الحزبية، كما فعلنا خلال العام الماضي عندما ناقشنا النظام الذي يحكم الانتخابات التي نختمها اليوم بانتخابات اللجنة المركزية والقيادة المركزية.