سياحة

ماذا سيحدث إذا لاحقت ( الجنائية الدولية ) نتنياهو :

د.صلاح قيراطة: باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

معلوم أن ( كريم خان ) ممثل الادعاء العام في محكمة الجنايات الدولة، قد أعد مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان ( نتنياهو ) ووزير دفاعه ( غالانت )…

ومعلوم كذا أن الرئيس الأمريكي السابق ( ترامب ) كان قد أصدر قرار يحذر فيه محكمة الجنايات الدولية من ملاحقة أي جندي امريكي، او اي من الدول حليفة امريكا…

إلا أن بايدن اعتبر أن ماقام به سلفه ( ترامب ) هراء وأصدر قرارا اوقف العمل بقرار الرئيس السابق…

ومؤخرا بدأ الكيان بالضغط على الامريكان بالعودة للقرار الذي العامه بايدن وكان قد وضعه ترامب على خلفية عزم الجنايات الدولية اصدار مذكرات اعتقال بحق الثنائي ( نتنياهو – غالانت )…

ورغم أن هناك من ينظر إلى القرار على أنه حبر على ورق لاسيما أن الكيان غير معترف بمحكمة الجنايات الدولية، لكن فكرة إصدار مذكرة التوقيف التي تحتاج إلى موافقة ثلاثة قضاة لتصبح نافذة وواجبة التطبيق، كان قد أربك أركانات الاحتلال، وجعلهم يضربون اخماسا بأسداس …

ولن ننسى بالطبع أن قرارا مماثلا كان قد صدر بحق الرئيس الروسي بوتين، جعله يتخلف عن حضور قمة ( البريكس ) في جنوب افريقيا، علما أنه لاتجوز المقارنة بحال من الأحوال بين الصغير ( نتنياهو ) والكبير ( بوتين ) في موازين العلاقات الدولية …
l
مؤخراً :
ذكر موقع( أكسيوس ) الإخباري الأميركي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن خلال محادثة هاتفية الأحد مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصيا في إطار التحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة…

وندد نتنياهو بمنشور على منصة إكس بما وصفه( التهديد بتوقيف عسكريين ومسؤولين في الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والدولة اليهودية الوحيدة في العالم )، واعتبر أن شيئا من هذا سيشكل ( سابقة خطيرة )…

يذكر :
أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد فتحت في العام ٢٠٢١ تحقيقا في جرائم حرب محتملة في غزة يطال الكيان وحركة حماس وغيرها من الفصائل المسلحة الفلسطينية…

وكذا :
سبق أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن التحقيق حاليا توسع ليشمل التصعيد في الأعمال العدائية والعنف منذ الهجمات التي وقعت في السابع من تشرين من العام الماضي ٢٠٢٣…

والمحكمة الجنائية الدولية التي تأسست في ٢٠٠٢ هي المحكمة المستقلة الوحيدة في العالم التي أنشئت للتحقيق في أخطر الجرائم بما فيها الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية…

في هذا السياق وفي تقرير لصحيفة ( الغارديان ) البريطانية، فإن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان سيستغرق بعض الوقت لإكمال التحقيق التفصيلي المطلوب لإثبات جرائم الحرب الإسرائيلية المحتملة، مثل القصف العشوائي للمناطق المدنية، وإطلاق النار على أهداف عسكرية مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدنية غير متناسبة، لأن حكومة الكيان رفضت السماح لموظفي المحكمة بدخول غزة…

ولابد هنا من التنويه إلى أنه لن يكون لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية أي علاقة بحق الكيان بالدفاع عن النفس، بل سيتم التركيز بدلا من ذلك على الطريقة التي اختارتها حكومة نتنياهو لتنفيذ هذا الدفاع، ليس من خلال استهداف المقاومة الوطنية الفلسطينية فحسب، بل وأيضا ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين…

وهنا :
قد تجادل حكومة الإحتلال بأن إسرائيل لديها نظاما قانونيا متطورا ويمكنها محاكمة مجرمي الحرب التابعين لها، وبموجب ما يعرف بمبدأ التكامل، من المفترض أن تذعن المحكمة الجنائية الدولية لجهود العدالة الوطنية، لكن الكيان ليس له تاريخ في محاكمة كبار المسؤولين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولم يتم رفع أي قضية تتعلق باستراتيجية التجويع التي ينتهجها نتنياهو في غزة…

ليس هذا فقط بل قد تزعم الحكومة الإسرائيلية أنه نظرا لعدم انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، فلا ينبغي لها أن تحاكم المسؤولين( الإسرائيليين )، لكن نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة يمنحها الولاية القضائية ليس فقط على مواطني الحكومات التي انضمت إلى المحكمة، بل وأيضا على الجرائم المرتكبة على أراضي أعضائها، وهذا أمر منطقي لأن التصدي للجرائم التي ترتكب على أراضي بلد ما هي سمة أساسية من سمات السيادة، علما أن فلسطين انضمت إلى المحكمة ومنحتها الولاية القضائية على الجرائم المرتكبة في أراضيها المحتلة ( الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة )…

علماً :
أن أي جهد من جانب الولايات المتحدة للتدخل في المحاكمة، مثل الاستدعاء لقانون حماية أفراد الخدمة العسكرية الأميركيين، الذي يجيز حتى العمل العسكري لحماية حلفاء الولايات المتحدة من الملاحقة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، من المحتمل أن يؤدي إلى احتجاجات في أميركا ويعرّض فرص إعادة انتخاب جو بايدن للخطر…

وهنا لابد من التأكيد على أن الجولة الأولى من الاتهامات ستكون بمثابة تهديد ضمني بالمزيد، فبينما يفكر نتنياهو في اجتياح محتمل لرفح، نراه وهو يشعر بالقلق والارتباك ولغة جسده في ظهوره مؤخرا تؤكد هذا، لاسيما مع ازدياد عدد الوفيات بين المدنيين الذي من شأنه أن يدفع خان إلى تكثيف التحقيقات في الهجمات الإسرائيلية العشوائية وغير المتناسبة على المدنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى