حوار فكري وسياسي خاص لوزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا مع الرئيس بشار الأسد
دمشق_صوت سورية
أجرى وزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا حواراً سياسياً فكرياً خاصاً مع الرئيس بشار الأسد، تحت عنوان: “الأغلبية العالمية”.
في هذا الحوار وثّق وزير الخارجية الأبخازي رؤية الرئيس الأسد وتصوراته عن العلاقة بين الهوية الوطنية للشعوب والحروب التي يُشعلها الغرب في مناطق مختلفة من هذا العالم، وعن الثمن الباهظ الذي تدفعُه الدول والشعوب لقاء كرامتها، وعن عقدة العظمة الموجودة لدى الغرب، وهل لدى الغرب قادة حقيقيون الآن؟
يركز الحوار على دور الدول التي تتطلع لاستقلالية قرارها وسيادتها.. تلك الدول تشكل “الأغلبية العالمية” في مواجهة مجموعة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وفيما يلي جزء من الحوار الذي أجراه الوزير الأبخازي وعرضه التلفزيون الروسـي الرسمي اليوم…
وزير الخارجية الأبخازي:
في الفترة الأخيرة كثيراً ما بدأنا نسمع عبارة “الأغلبية العالمية”، ممن تتألف؟ من أي دول؟ والأهم من ذلك من يتحكم بهذه الدول؟ فمستقبل العالم أجمع يتوقف على الإرادة السياسية للحكام تحديداً.
اليوم سأعرفكم على رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، الشخص الذي تحدى الغرب الجماعي، واستطاع أن يحمي بلده، وأن يحمي المصير التاريخي لشعبه وأصالته.
لقد التقينا في قصر الرئاسة السوري، وعرضت عليه مناقشة مسائل تعدد القطبية، وعادات السوريين وتقاليدهم الأصيلة.
السيد الرئيس:
كل النزاعات في السنين العشر الأخيرة لها علاقة بالهوية الوطنية، يجب أن نتعلم كيف نحميها من التأثيرات الخارجية، فالطريقة الوحيدة للانتصار علينا هي تدمير هويتنا الوطنية، والهوية الوطنية مفهوم فضفاض وينطوي على الكثير من المعاني، بما في ذلك الثقافة ومنظومة القيم والتقاليد.
وزير الخارجية الأبخازي:
وزارة الخارجية الأمريكية تحاول تدمير التقاليد الوطنية.
السيد الرئيس:
هذه هي طريقتهم بالسيطرة، ولكن عندما تدافعون عن هويتكم الوطنية تستطيعون أن تقولوا لهم: لا، تستطيعون تحليل الوضع بشكل سليم والمناورة حسب الإمكانية، ولكن إذا فقدتم الهوية الوطنية فسيكون همكم الشاغل الوحيد فائدتكم الشخصية؛ أي المال، والمال هو شيء عابر للحدود، عالمي، وعبره تستطيع أن تسيطر، هكذا تسيطر أمريكا على كل شركائها الغربيين والشرقيين أيضاً، وهي تستطيع أن تسيطر على أي بلد أو أي سياسي محدد.
لمحة تاريخية:
الدولة السورية الحديثة عمرها ما يقارب السبعين سنة، ولكن الحضارة في هذه البلاد كانت قد وُجدت منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، يبلغ تعداد السكان قرابة 17 مليوناً، والغالبية العظمى منهم من المسلمين، والبقية مسيحيون وممثلو ديانات أخرى.
ودمشق هي العاصمة الأقدم في عالمنا الحالي والمدينة الوحيدة في كوكبنا التي ما زالت تعيش منذ آلاف السنين حتى الآن، سورية ليست مهداً للحضارات فحسب، بل كانت دوماً في مركز كل الأحداث الكبرى التي وقعت في هذه المنطقة.
وزير الخارجية الأبخازي:
أعتقد أن الوضع في العالم يتغير، فإن قادة دول الأغلبية العظمى في العالم يعملون تدريجياً على حماية المصالح الوطنية، أما تأثير الولايات المتحدة فيتهاوى.
السيد الرئيس:
هذا صحيح بالمطلق، الناس يتعلمون من أخطاء الماضي، وكنا نستطيع أن نتصادق مع الغرب لكن الغرب لا يقبل أصدقاء، ولا شركاء، هم لا يقبلون سوى الأتباع.
وزير الخارجية الأبخازي:
ولذلك فإن الغرب يدعم قادة مثل زيلينسكي حالياً، فمن الأسهل التعامل مع مثل هؤلاء.
السيد الرئيس:
بالطبع، إنهم نوع من الناس يقولون دائماً: حاضر، وينفذون كل الأوامر: إلى اليمين، إلى اليسار، إلى الأعلى، إلى الأسفل، دائماً يجيبون: نعم أيها الـ(BOSS).
وزير الخارجية الأبخازي:
الغرب لا يحب القادة المستقلين مثلكم، ومثل الرئيس الروسي.
السيد الرئيس:
نعم هم يحبون التحدث عن الديمقراطية، ولا يطيقون أن يُقال لهم: لا، إن ديمقراطيتهم أن تقول لهم: نعم على كل شيء، هذه هي ديمقراطيتهم.
وزير الخارجية الأبخازي:
لقد فكرت كثيراً لماذا يأخذ شاب طبيب عيون لديه مستقبل زاهر، ولديه كل الفرص ليبقى في لندن بشكل دائم، قرار العودة إلى بلده وقيادة نضال شعبه من أجل المحافظة على السيادة والاستقلالية..
واليوم سورية مع روسيا تدافع عن عالم متعدد الأقطاب؟
السيد الرئيس:
تعدد القطبية موجود منذ بداية الحضارة الإنسانية، وفي مراحل عديدة كان هناك أنواع مختلفة من التنظيمات الاجتماعية، وما يؤكد ذلك وجود الإمبراطوريات المختلفة التي كانت تتميز عن بعضها فتتحارب حيناً وتتعاون أحياناً أخرى، لكنها كانت تختلف عن بعضها بشكل ملحوظ، فتعدد القطبية قد يكون اقتصادياً، أو ثقافياً، لكن المهم من كل ذلك أن العالم خُلق متنوعاً.
السيد الرئيس:
أحادية القطبية هي أمر متناقض في بنيته، ظهرت عند تفكك الاتحاد السوفييتي، وهي من أوصلت العالم إلى هذه الفوضى التي تدفع ثمنها بلدان، كبلدي وبلدان عديدة في العالم.
مشكلتنا اليوم تكمن في انعدام وجود قواعد واضحة للتعاون بين الدول، وهذا ما يؤدي إلى نزاعات دائمة، لكن لما كانت هناك لغات وثقافات متعددة فإن العالم كان واقعياً ومتنوعاً ومتعدداً. ولكن من المهم أن يُعتمَد ذلك قانونياً، فسورية وروسيا يدعمان آلية الاعتراف بذلك بقدر ما يستطيعان.
وزير الخارجية الأبخازي:
سيادة الرئيس، كيف تقيمون اليوم دور روسيا في تلك النتائج التي استطعتم أن تتوصلوا إليها معاً؟
السيد الرئيس:
نسمع كثيراً عبارات تقول: إن روسيا دعمت الرئيس السوري أو الحكومة السورية، وهذا تفسير غير صحيح، روسيا دعمت الشعب السوري وحمت استقلالية سورية، وبذلك حَمَت القانون الدولي، الذي ما زال موجوداً على الورق حتى الآن، روسيا وقفت في وجه الإرهاب الدولي، ومن السذاجة أن تفسر أن الإرهابيين هم عصابات محلية خارجة عن القانون، لا، إنهم شبكة عالمية، وهم موجودون في أوروبا وروسيا وإندونيسيا وفي مناطق أخرى من العالم، إن الإرهاب الحالي متجانس إيديولوجياً، وروسيا دخلت بحرب معه على الأراضي السورية، وعندما تحمي السوريين فهي تحمي بلدها، وعندما قالت روسيا كلمتها في محاربة الإرهاب كان هذا مهماً على المستوى الدولي عامةً، ولمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقتنا خاصة، لأن لدى سورية موقعاً جيوإستراتيجياً مهماً جداً.
لمحة تاريخية:
في الواقع، لا يعلم الكثيرون أن الغرب عملياً قد شن هجوماً على سورية عام 2011 من أجل أن يفشل تشكيل اتحاد دول عظيمة في الشرق الأوسط هي إيران وتركيا وسورية، لو قام هذا الاتحاد لكان الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة مضت قد أصبح لاعباً مهماً في الساحة الدولية، وكان قد خرج تماماً من تحت سيطرة الغرب.. في الحرب ضد الجمهورية العربية السورية تم استخدام الإرهاب الدولي تحت قناع “المعارضة للنظام”.. ومن المفهوم أن روسيا الاتحادية لن تبقى جانباً لأن القوى نفسها استُخدمت لمحاربتها.
وزير الخارجية الأبخازي:
أريد أن أسألكم عن العملية العسكرية الروسية الخاصة، لقد عبرتم عن رأيكم أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ستغير منحى التاريخ العالمي، ما الذي دفعكم إلى هذا الاستنتاج؟
السيد الرئيس:
لقد قلت: إنها ستصحح منحى التاريخ، لن تكتبه من جديد ولن تغيره بل ستصححه، لأن روسيا بوصفها دولة عظمى تقاوم تدخل الدول الغربية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وليس هناك فارق أين تقارع روسيا الإرهاب في سورية أم في أوكرانيا، فالعدو واحد، وروسيا اليوم تدعم التوازن العالمي سياسياً وعسكرياً لأنها عانت من فقدانه، وأن تفكك الاتحاد السوفييتي لم يكن مفاجئاً بل كان نتيجة خطوات اتُخذت لإثارة الأقليات فيه التي كانت متعايشة تاريخياً مع بعضها بعضاً.
إذا أخذنا على سبيل المثال القرم: خروتشوف نقله إلى سلطة أوكرانيا، والمواطنون الروس في هذه المنطقة لم يحاولوا الاستقلال عن روسيا أبداً، ولكن النازيين هناك أعلنوا الحرب على كل ما هو روسي، كلنا يعرف أن الروس البيلاروس وشعوب روسيا الصغرى لصيقون جداً بلغتهم وثقافتهم وفي شرق أوكرانيا يعيش الروس، ولكنّ هناك هدفاً محدداً للنازيين الأوكرانيين، وأمريكا كانت تدعم القوميين العدوانيين الأوكران قبل الحرب العالمية الثانية، وكانت تُنمي حقدهم خلال الحرب، ومنذ العام 2004 تستخدمهم عبر مخابراتها للصراع مع روسيا وهذا شيء غير طبيعي، وأنا متأكد أن هذا النزاع سينتهي بانتصار روسيا، وهذا ما سيوحد الشعوب الأخوة، ولذلك قلت: إن روسيا تصحح ما أفسده الآخرون.