التضخم يضرب الاقتصاد البريطاني والأسعار تصل لأعلى مستوى لها منذ 30 عاماً

 

 

لم يكن الاقتصاد البريطاني أفضل حالاً من غيره من اقتصادات العالم التي ضربها التضخم حيث تأثر هو الآخر بموجة الغلاء في الأسواق العالمية وارتفعت الأسعار داخل بريطانيا لأعلى مستوى لها في نحو 30 عاماً.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن معدل التضخم السنوي في بريطانيا ارتفع خلال شهر آذار الماضي إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود وسط ارتفاع أسعار الطاقة والمعادن والسيارات المستعملة بشكل كبير.

وأوضحت بيانات المكتب أن التضخم ارتفع من 6,2 بالمئة في شهر شباط إلى 7 بالمئة في شهر آذار على أساس سنوي في وقت أشارت توقعات بنك إنكلترا إلى ارتفاعه إلى 8 بالمئة مع نهاية شهر نيسان الحالي مترافقاً مع ارتفاع في سقف أسعار الطاقة بنسبة 54 بالمئة خلال الشهر الجاري.

وفي ظل انكماش قيمة الدخول والقدرة الشرائية للمستهلكين نتيجة ارتفاع معدل التضخم وزيادة قيمة فواتير الطاقة والضرائب أدى التضخم الحالي إلى ارتفاع مؤشر أسعار التجزئة 9 بالمئة على أساس سنوي في شهر آذار مسجلاً أكبر زيادة منذ عام 1991 فيما قفزت تكاليف المواد الخام بنسبة 19,2 بالمئة وهي الأكبر تاريخياً منذ بدء تجميع هذه البيانات في عام 1997 حيث ترافق ذلك مع ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين الذي قفز 11,9 بالمئة مقارنة مع العام الماضي وهي أيضاً أكبر زيادة منذ عام 2008

وعلى الرغم من قيام أرباب العمل برفع أجور العمال لتعويضهم عن ارتفاع الأسعار إلا أن موجات الغلاء التي وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال عقود التهمت هذه الزيادات حتى اضطرت أسر كثيرة إلى تغيير معيشتها وأنماط استهلاكها.

صحيفة الغارديان بدورها أكدت في تقرير أن الاقتصاد البريطاني في خطر متزايد من الوقوع في ركود صيفي وسط أكبر ضغط على دخول الأسر منذ منتصف الخمسينيات لافتة إلى أن الضربة المزدوجة من تباطؤ النمو بعد إغلاق وباء كورونا وارتفاع تكاليف المعيشة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي في الربعين القادمين من هذا العام.

ورأى تقرير لشركة المحاسبة العملاقة “كي بي أم جي” أن الأرقام المسجلة في الشهر الفائت تمثل ضغوطاً متفاقمة على دخول المستهلكين وقد تجبر وزير الخزانة البريطاني ريتشي سوناك على بذل المزيد لحماية الأشخاص الأكثر تضرراً إضافة إلى أنها تزيد الضغط على بنك إنكلترا لرفع أسعار الفائدة وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز.

وفيما اعتبر جاك ليزلي كبير الاقتصاديين في مؤسسة “ريزوليوشن” أن أرقام شهر شباط كانت بمثابة إشارة مسبقة لضغوط الدخل الهائلة المقبلة التي ستكون كارثة كاملة على مستويات المعيشة حذر جيمس سميث الخبير الاقتصادي

في بنك “اي ان جي” الهولندي من أن الاقتصاد البريطاني سيشهد انكماشاً بنسبة 0,3 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى نهاية حزيران.

أما نيل شيرينغ كبير الاقتصاديين في مجموعة الاستشارات كابيتال إيكونوميكس فتوقع أن ينخفض الدخل المتاح للأسر بنحو 1,9 بالمئة هذا العام ما يعد أكبر من الانخفاض الذي شهده الدخل الحقيقي بنسبة 1,8 بالمئة في عام 1977 والأكبر منذ أن بدأت السجلات الحديثة في الخمسينيات من القرن الماضي.

وكان بنك إنكلترا حذر الأسبوع الماضي من أن مؤشر أسعار المستهلكين سيرتفع فوق 8 بالمئة بحلول حزيران وقد يصل إلى رقمين في نهاية العام إذا أبقت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أسعار الطاقة العالمية عند مستويات مرتفعة.