محليات

الرئيس الأسد خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث: التمسك بالقضايا هو الذي يحمي الشعوب والأوطان

الأسد: التمسك بالقضايا هو الذي يحمي الشعوب والأوطان

المصدر: وكالة الأنباء السورية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الحرب اليوم هي حرب الحقيقة، وما حصل في فلسطين كسر هيمنة الرواية الصهيونية عالمياً، وأن التمسك بالقضايا يحمي الأوطان والشعب الفلسطيني نجح في التمسك بقضيته، مشيراً إلى أن هجمة المسؤولين الغربيين لدعم “إسرائيل” هي هجمة الأم لحماية ابنها و”إسرائيل” هي الابن الشرعي للاستعمار.

جاء ذلك ضمن حديث الرئيس الأسد في الشأن السياسي خلال ترؤسه دورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب، التي تنعقد لمناقشة جدول أعمال المقترح المقدم حول التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة لاختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع القادم.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد الرئيس في الجانب السياسي:

قال الرئيس الأسد: الشيء الوحيد الذي يستحق الحديث هو الوضع الفلسطيني خاصة ما حصل في غزة مؤخراً، ما حصل في غزة غيّر حقائق تاريخية لسنوات طويلة وربما لأجيال، ولن تتغير في المدى المنظور بغض النظر عن نتائج الحرب.. دُمرت غزة.. هُجر الشعب الفلسطيني.. أُبيد الشعب الفلسطيني.. هناك حقائق ظهرت، وهذه الحقائق بالنسبة لنا هي دروس مستفادة يجب أن نفكر فيها ونتعلمها وتبقى نصب أعيننا لأنها تتقاطع بشكل كبير مع ما عاشته سورية ومع ما يمكن أن تعيشه دول عربية أخرى، وربما غير عربية لأن المبادئ واحدة بالنسبة للشعوب والأوطان.

الرواية الفلسطينية نسفت الرواية الصهيونية

أهم نقطة في هذه الحرب أن الصهيونية العالمية التي سيطرت على الرواية منذ نشأة القضية الفلسطينية من سبعة عقود وربما من القرن التاسع عشر لأول مرة تفقد السيطرة على هذه الرواية، بجانب من الجوانب.. لأن وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت أداة الغرب من أجل السيطرة على العقول عبر الرواية وعبر الثقافة وعبر السياسة وعبر العادات والتقاليد تسيطر على العالم بكل جانب من جوانبه، قد نضجت، وأنا أقصد نضجت ..نضج من يستخدمها، نضجت الشعوب في استخدامها فانقلب السحر على  الساحر وخسرت الصهيونية روايتها حتى في أهم معاقلها منها الولايات المتحدة، لا يعني أن الشارع الأمريكي أصبح داعماً لفلسطين ولكن أصبح لديه الكثير من الشكوك حول الروايات الصهيونية، وهذا يتقاطع بشكل كبير مع ما عشناه في سورية في بداية الحرب، عندما كانت الدول العربية تفرض الكثير من القيود على وسائل التواصل باعتبارها أداة جديدة ومخيفة ومنها سورية، فقامت تلك الدول بتقييد، وربما قطع الإنترنت بشكل مطلق بعكس ما قمنا به في سورية، قمنا بإزالة كل القيود انطلاقاً من أن هذه الحرب أولاً.. يجب أن تخاض.. بطريقة.. طريقة الأعداء، فلا يكفي أن نخوضها بطريقتنا.

ثانياً.. انطلاقاً من الثقة بالجمهور، فإذا لم يتمكن الجمهور العريض من الدفاع عن وطنه فلا معنى للدولة ولا أمل للدولة في الدفاع عن وطنها، فكان لدينا مبدأ في بداية الحرب بأن قوتنا هي في وعي الجمهور وليس قوتنا في القوات المسلحة وفي الخطاب السياسي وكل هذه الأمور الهامة، ولكن عندما نقول الحاضنة الشعبية فهي حاضنة الوعي، وتمكنا .. ليس بالضرورة باختراق الرأي العام العالمي ولم نكن نفكر بهذا الشيء، ولكن تمكنا كمجتمع من حماية الرأي العام الداخلي في سورية.

الحرب اليوم هي حرب الحقيقة، ومن يربح الحقيقة.. يربح المعركة

وتابع الرئيس الأسد: ما يتقاطع بين الحرب السورية والحرب في فلسطين والحرب في أوكرانيا والحرب في الصين -بحر الصين الجنوبي وفي فنزويلا وغيرها، كل حروب الغرب وتحديداً أمريكا تستند بالدرجة الثانية إلى السيطرة على الأرض ولكن بالدرجة الأولى إلى السيطرة على الحقيقة.. اليوم الحرب هي حرب الحقيقة، ومن يربح الحقيقة.. طبعاً الحقيقة بغض النظر إن كانت حقيقية أو مزورة، هو من يربح الحرب والمعركة. لذلك أكثر ما أرعب الخونة في سورية في بداية الحرب أن يعرف العالم وأن يعرف السوري تحديداً وليس العالم بأنهم خونة، وأن يعرف السوري بأن الإرهابي هو مرتزق وليس ثائراً، وأكثر ما يُرعب “إسرائيل” اليوم في العالم أن يعرف العالم حقيقتها الإرهابية، لذلك المعركة هي معركة الحقيقة اليوم، ويجب أن نعرف بأن الولايات المتحدة سيطرت على العالم قبل الدولار وقبل الأساطيل بالحقيقة، وبدأت هذه الحقيقة منذ الحرب العالمية الثانية، فكلنا تعلمنا وعشنا من خلال الأفلام والروايات والقراءات بأن الغرب هو عدو النازية، ونسينا بأن النازية هي العدو الأساسي لروسيا “الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت”.

أغلبنا لا يعرف بأن صعود النازية بين الحرب العالمية الأولى والثانية هو كان بدعم أمريكي، الكل يتساءل.. كيف كان هناك يعني انهيار ألماني وقيود أوروبية، كيف سمحوا للنازية بالصعود وتأسيس جيش، بالدعم الأمريكي.. بالأموال الأمريكية.. بالقروض.. بالاستثمارات أعتقد حتى شركة فورد استثمرت، وبقيت الاستثمارات بعد بدء الحرب، وبقي الدعم بعد بدء الحرب، أعتقد ربما خلال العام الأول، وعندما تغيّرت الخطة النازية تغير الدعم الغربي وأظهرت أوروبا بأنها ضد تلك الحرب.

أمريكا لم تقاتل النازية .. كل من تعاون من القادة النازيين مع أمريكا عُزز وكُرم

وأضاف الرئيس الأسد: تتمة هذه الرواية أن الكل يعتقد بأن الغرب انتصر على النازية، في “إنزال النورماندي” هذا الإنزال العظيم، والقلة تعرف بأن هزيمة هتلر بدأت في عام 1941 على أسوار موسكو بعد عامين تقريباً من بدء الحرب، ولم تكن القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة تقوم بأي عمل ضد النازية، وكان ستالين يطالب أمريكا بالتدخل وهي ترفض، كانت تريد من النازية والشيوعية أن يدمروا بعضهم البعض، فتسيطر أمريكا على أوروبا بعد أن تكون أوروبا أيضاً قد دُمرت.

والمرحلة الثانية للانتصار الروسي كان عام 1942 بعد حصار ستالين غراد وبدء الهجوم الروسي المعاكس الكبير، واستمر الهجوم الروسي حتى صيف 1944، يعني تقريباً ثلاث سنوات والغرب لم يقاتل النازية، وأقصد تحديداً أمريكا وليس الغرب بشكل عام، عندما اكتشفوا بأن الروسي قاب قوسين أو أدنى من الانتصار، قرروا الهجوم واختطاف الانتصار ومنع الروسي من التقدم باتجاه أوروبا الشرقية..ألمانيا وغيرها، هذا هو سبب الهجوم.

التتمة أن محاكمات نورنبيرغ المشهورة كانت للقادة النازيين الذين رفضوا التعاون مع أمريكا، أما كل من تعاون فعُزز وكُرم في أمريكا وفي الدول الغربية، أول الصواريخ الأمريكية صنعها النازيون الألمان، الناتو أُسس على أيدي الضباط الألمان، حاكم المصرف المركزي الألماني أقرب شخصية لهتلر عاش مُعززاً مُكرماً في أمريكا، قادة النازيين الأوكران ومنهم قادة منظمة بانديرا توفوا ما بين ألمانيا الغربية نفسها وأمريكا، فإذاً امتلاك هذه الخدعة هو الذي جعل أمريكا تسيطر على العالم، نفس الشيء قضية المحارق، ستة ملايين، لا يوجد أي دليل بأن هناك ستة ملايين يهودي قتلوا، وربما حصلت محارق، لا أحد ينفيها، وهناك معسكرات الاعتقال.. صحيح، لكن الدليل على أن هذا الموضوع مسيّس وليس إنسانياً ولا حقيقياً، كيف نتحدث عن ستة ملايين، ولا نتحدث عن 26 مليون سوفييتي قتلوا في تلك الحرب، يعني ستة ملايين أغلى؟ الممارسات نفسها كانت على كل الاتجاهات، لم يكن هناك طرق قتل مختصة باليهود، ولا طريقة تعذيب مختصة باليهود، في كل الأماكن نفس الطريقة استخدمتها النازية، ولكن القضية هي قضية مسيّسة، ولتزوير الحقيقة ولاحقاً للتمهيد لنقل اليهود من أوروبا باتجاه مناطق أخرى هي فلسطين.

فإذاً، نريد أن نقول بأن المعركة هي معركة ما نسميه معركة الحقيقة، هي نفسها معركة الوعي، إن لم نكن نمتلك الوعي لا يمكن أن نمتلك الحقيقة، لذلك نُفاجئ بأن اليوم نفس المجتمع الذي تمكن في سورية من الصمود في وجه مرحلة دعائية معقدة ولم يكن لدينا الخبرة في ذلك الوقت، وكل العالم ضدنا، اليوم أجزاء منه.. أجزاء من هذا المجتمع تغرق بنوع من الأكاذيب البسيطة جداً، غير المعقدة، الإشاعات البسيطة، يعني أنا أقول نشبه سبّاحاً عالمياً ربح ميداليات.. حقق أرقاماً قياسية لم يحققها سبّاح آخر ولكنه غرق في شبر ماء، هنا مشكلة الوعي، هنا معركة الوعي، يجب أن نفكر بهذا الموضوع بشكل جدي، طبعاً هناك مشكلة “عويصة” متجذرة هي مشكلة مؤسسات الدولة في نقل المعلومات، هذه مشكلة الدولة المزمنة، لا نحب أن ننقل معلومات، هي عادة اجتماعية بالمناسبة، نأخذها من المجتمع ونكرسها في العمل المسؤول وخاصة الحكومي، ولكن مع ذلك الأكاذيب التي تظهر هي بالعشرات يومياً وربما بالمئات، لا يمكن بكل الأحوال أن نتابع وأن تصدر بيانات بالعشرات وبالمئات، هناك تقصير من الدولة بكل تأكيد، ولكن هناك قصور بالوعي لدى بعض جوانب المجتمع، وأنا أتحدث عن جوانب الوطنية، جوانب موالية للدولة، وجوانب تمكنت بمراحل من أن تواجه أعتى أنواع الدعايات، هي نفسها التي تغرق أحياناً في بعض الإشاعات، هذا عنوان يجب أن نفكر به كحزب ونلعب دورنا، هذا هو دور الحزب في أي مجتمع، أي حزب في أي مجتمع هذا هو دوره، بناء الوعي بالدرجة الأولى…

ما حصل في فلسطين في الأعوام الأخيرة أعاد إحياء القضية عالمياً

وتابع الرئيس الأسد: فإذاً النقطة الأولى كما قلت هي الحقيقة بالنسبة لفلسطين وغزة، الجانب الآخر هو موقع القضية الفلسطينية، في سورية موضوع القضية الفلسطينية موجود باللاوعي، يعني نحن لا نفكر فيها كقضية بحكم العلاقة التاريخية، بحكم أننا أبناء منطقة واحدة وتقاليد واحدة، وأعتقد بأن جزءاً من الدول العربية الأخرى نفس الوضع بالنسبة للحالة الشعبية طبعاً، لا أتحدث عن الحالة الرسمية، لكن في العالم الوضع ليس كذلك بعد اتفاقية أوسلو، اعتقد معظم الناس أن القضية الفلسطينية انتهت وحُلّت، والصراعات الموجودة أو الخلافات الموجودة هي خلافات طبيعية بعد صراع طويل لعقود، فلا بد أن يبقى هناك يعني خلافات وبعض الصراعات.

لكن ما حصل في فلسطين خلال الأعوام الماضية، ليس فقط في غزة ولكن توّج في غزة، هو أن هذه القضية استعادت مكانتها الدولية.. مكانة ما قبل أوسلو وما قبل عملية السلام، فلم تعد هذه القضية اليوم هي قضية جيش نظامي محترم إنساني كالجيش الصهيوني يقاتل مجموعات متطرفة أو متعصبة أو إرهابية أو كارهة للسلام، عادت القضية إلى جوهرها وهو محتل يقاتل صاحب الأرض، معتد يقاتل مُعتدى عليه، هذا هو جوهر القضية، عندما غاب هذا الجوهر عالمياً غابت القضية أو ماتت عالمياً، اليوم تم إحياء هذه القضية.

والصهاينة اعتقدوا بأن سياستهم دائماً بأن تقادم القضايا سيؤدي لظهور أجيال تنسى القضية، يعني كأي بضاعة مع الوقت تفسد، لماذا يفكرون بهذه الطريقة؟ لأنهم ليسوا شعباً ومن هو ليس شعباً لا يمكن أن يكون لديه قضية، وبالتالي لا يمكن أن يفهم ماذا يعني أن تموت أو لا تموت القضية، هذا شيء طبيعي، لم يكن يتوقع الصهيوني أن القضايا تختمر مع الوقت بالتقادم وليس العكس، تختمر.. تنضج.. تشتعل أكثر وتُنتج الأشد من المقاومة والأصلب من الصمود.

الشعب الفلسطيني بالطريقة التي حمل بها قضيته عبر أجيال، ربما نحن الآن في الجيل الرابع ربما أو أكثر، في غزة وفي الضفة وفي أراضي الـ 48، أثبتت بأنه شعب أصيل، هذا كافٍ. حمل القضية يُثبت بأن هناك شعباً، ولو تخلى عن قضيته لأثبت للعالم بأنه مثله مثل اليهودي أو ما يسمون أنفسهم بشعب “إسرائيل” التاريخي، ولأنه أثبت بأنه شعب أصيل، أثبت بأن الشعب الإسرائيلي وهم، ونسف مقولة شعب بلا أرض لأرض بلا شعب. بالرغم من أن هذه القضية يعني واضحة مثبتة أنها كذبة بالنسبة لنا.. بالنسبة للعالم بُدئ الحديث والتداول باندثار شعب فلسطين، أنه لا يوجد من يحمل راية الشعب الإسرائيلي ويقول نحن من سلالة شعب “إسرائيل” الذي انقرض في القرن السادس قبل الميلاد.. على ما أذكر، واليهود الذين أتوا إلى فلسطين هم يهود (الخزر) شرق قزوين، هم وثنيون واتبعوا الديانة اليهودية في القرن الثامن الميلادي، هاجروا إلى أوروبا وأتوا إلى هذه المنطقة، يعني لا يوجد أي علاقة بينهم وبين شعب “إسرائيل” المندثر، لأن شعب “إسرائيل” المندثر كانت الجغرافيا والتاريخ الذي عاش به هي ما بين مصر وفلسطين وبلاد ما بين النهرين أي في العراق حالياً.

“إسرائيل” لم تُبن عبر تراكم حضاري وإنما عبر قرار سياسي، والسياسة لا يمكن أن تبني شعوباً

وأضاف الرئيس الأسد: لذلك عندما لا يكون الشعب حقيقياً ننظر إليه ونرى اليوم كيف أن هذا الشعب هو شعب مركب، يعني كالألعاب التركيبية للأطفال “ليغو”، من الألعاب التركيبية يمكن أن نبني شخصاً، إنساناً طوله متر، وربما إنسان طوله عشرة أمتار ويشبه كثيراً الإنسان الحقيقي، ولكن ليس فيه روح.. لا يتحرك.. لا يمكن أن يعيش، لأن المجتمعات تُبنى عبر تراكم حضاري فيه جغرافيا وفيه تاريخ وفيه ثقافة، وفيه عقيدة، وفيه أشياء مختلفة تبني المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى