المقولة الجميلة من ثمارهم تعرفونهم صالحة لمعرفة مدى صحة القرارات التي جرى اتخاذها خلال السنوات السابقة.. لا يحتاج المرء إلى جهد ليدرك أن معظم هذه القرارات كانت خاطئة.
مشكلة صنّاع القرارات الاقتصادية أنهم لا يعترفون بالخطأ حتى بعد ثبوته، وربما يجدون مسوغات بأن ظروف القرار غير مواتية، أو أن الرياح ليست مستقرة، أو أن الشتاء كان قصيراً وأن الليل كان كئيباً، لكن لا يمكنهم الاعتراف بأن القرار الذي اتخذوه كان خاطئاً من المبتدأ إلى الخبر.
من الأفكار الجميلة التي تم إجهاضها مبكراً إنشاء مركز لصناعة القرار، لكن العبقرية الحكومية أجهضت الفكرة وحولته إلى مديرية لصنع القرار تابعة لرئاسة الوزراء، عمل فيها بضعة موظفين ثم اختفى ذكرها تماماً، ولا أدري إن كانت ما زالت على قيد الحياة أم إن الإصلاح الإداري أتى عليها.
كي لا نستمر في وصف المشكلة أقدّم اقتراحين:
الاقتراح الأول: أن نضيف مادة لأي قرار يتم اتخاذ نصها، القيام بإجراء عملية تقييم ومراجعة له خلال ثلاثة أشهر.
هنا تصبح عملية التقييم ملزمة والمدة ليست محددة بثلاثة أشهر، فقد تكون أقصر من ذلك، وفي ضوء التقييم ومراجعة آثار القرار يمكن تحسينه أو الاستمرار به أو إلغاؤه.
مثل هذه المادة تحوّل المراجعة والتقييم إلى ثقافة حكومية، وحتى قرارات التعيين للمسؤولين كافة يمكن أن يضاف لها مضمون المراجعة والتقييم.
الاقتراح الثاني: له علاقة بما قبل اتخاذ القرار، إذ إنه من الواضح للجميع أن روح المشاركة بصنع القرارات غير متوافرة، ولو تم إشراك المؤثرين والمتأثرين بأي قرار قبل اتخاذه لكان من المؤكد أن يكون أكثر صوابية ويتم احتضانه والدفاع عنه من جمهور القرار أنفسهم.
لدينا مجلس استشاري وطني ميت.. وهو حتى قبل إعلان وفاته كان من الواضح أنه غير فعال والسبب تركيبته الضعيفة، والاقتراح هنا من شقين، الأول: تشكيل مجلس استشاري في كل وزارة بشرط أن يكون فعالاً ومشاركاً في مشاريع القرارات ورسم السياسات.. صحيح أن مشاركته استشارية لكن هذه المشاركة الاستشارية ينبغي أن تكون عاملاً مهماً في تصويب القرار ومراجعته حيث تكون الاستشارة قبل صنع القرار والتقييم بعده.
الشق الثاني من الفكرة يتم من المجالس الاستشارية لكل الوزارات من خلال اختيار ممثل عنهم في المجلس الاستشاري الوطني مع اختيار كفاءات من داخل وخارج سورية وحق الاستعانة بأي كفاءة أو خبرة حتى لو كانت خارجية.
هذه مجرد أفكار وأعرف بأنه لا فائدة ترتجى ولا كبير أمل أن يتم العمل بها، وهي مجرد محاولة لا أكثر ولا اقل.
وبما أننا في أجواء عيد الصحفيين فإن أول أولويات الإعلام تقديم مقترحات وعلينا ألا نتخلى عن الأمل بأن أحداً يستمع إلينا.
إلى كل الإعلاميين السوريين… أعانكم الله…
أقوال:
– المستشير وإن كان أفضل من المستشار رأياً، فإنه يزداد بالمشورة عقلاً، كالنار تزداد بالودك ضوءاً.
– الهدف الذي يحتاج إلى وسائل غير صحيحة للوصول إليه.. ليس بالهدف الصحيح.
– من اعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل.
المصدر: الوطن أون لاين